لماذا لا ننتقد الهيئة ؟!

اعتقد ان لا يوجد أحد فوق النقد .. لا شخصية ولا مؤسسة حكومية .. واعتقد ان الجميع مُجمع على ذلك من الناحية النظرية .. وانتقاد أي مؤسسة (أو شخص) يجب ان يكون قدر الإمكان يتسم بقدر كبير بالموضوعية .. خاصةً أن مصطلح (النقد) اصبح يستخدم بشكل واسع على ابراز الجوانب السلبية فقط وليس (النقد) بمعناه الأصلي من تبيين مواطن الضعف والقوة . ومحاولة دراسة الموضوع لهدف الإرتقاء ..
ولو أخذنا هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كنموذج .. وباعتبارها من أكثر المؤسسات تعرضا للنقد منذ فترة ليست قصيرة . ونحاول معرفة بعض الجوانب في طريقة نقدها ونقل الأخبار عنها وعن إنجازاتها أو أخطائها نجد انه لا يتسم غالبا بالموضوعية والحيادية .فنقد الهيئة يتمدد أفقيا بكل وسائل الإعلام .. ويتمدد عموديا لعدة أيام أو أسابيع (على حادثة واحدة) .. وهذا ما لا نراه في نقد غيرها من المؤسسات الأخرى .. فلو صدر خطأ عنها .. (وكل من يعمل يخطئ) .. سيتم تضخيمه لدرجة يتم حجب شمس الإنجازات الأخرى (التي بالغالب لا يذكرها الإعلام) .. ويتم فتح القنوات واستضافة المنتقدين اكثر من المدافعين .. ويخرج علينا كثير ممن يدعون انهم يتحدثون باسم الرأي العام (ولا نعلم من وكلهم بذلك) .. وحتى حينما تخرج براءة الهيئة من أي تهمة أو خطأ حصل .. فان بعض الفريق السابق يستمر في الاتهام والإنتقاد ويلمح الى تواطؤ القضاء .. بينما يلجأ البعض الآخر إلى وضعية التجاهل (تسمى وضعية الميت).. ولا نرى اعتذارا عما حصل من تحامل او على الأقل ان يتم الانتباه ورفع مستوى الموضوعية في المرات القادمة .. ولكن شئ من ذلك لم يحصل ..
هذا فضلا عن اختلاق قضايا لا صحة لها أصلا ولا وجود لها الا في عقل صحفي خان أمانة الإعلام .. ولفق تهمة أجبرته وأجبرت صحيفته على الإعتذار بعد انفضاح الأمر .. بينما كثير من القضايا الأخرى تم فيها اكتشاف التلفيق ولكن لم يتم الاعتذار .. وبعض المؤسسات (الخَدَمية لا السيادية) الأخرى لا يُقبل انتقادها أو القرب منها .. بل ان الكلام عنها قد يقودك إلى تهم جاهزة مؤطرة بإطار الليبرالية ومغلفة بغلاف الوطنية . فانتقاد اكتتاب في بنك ما مثلا يجعل منك شخصا غير وطني .. أوخدمة ما .. أو حادثة ما .. فان اقلام الكُتاب تُسن .. وطبول الحرب الإعلامية تُقرع .. والغريب ان هذه الحالة وارتفاع الجاهزية للحرب الإعلامية تحصل في حالتين بإتجاهين متعاكسين .. فهي تحصل (أكاد أقول فقط) في إنتقاد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باعتبارها مؤسسة من مؤسسات الدولة (ومقولة ليست فوق النقد تتردد بشكل واسع) .. وتحصل باتجاه معاكس لمن ينتقد أي مؤسسة أخرى مرضي عنها (خاصة إن كان هذا الناقد غير مرضي عنه إعلاميا) .. ويتم تجهير الحرب الإعلامية بالإتجاه المعاكس تماما .. وتختفي عبارة ليست فوق النقد وتتحول لماذا ينتقد !!
كل ما اتمناه .. أن يكون النقد من الناقد موضوعيا .. وأن تكون كل مؤسسات الدولة (الخدمية خصوصا) بذات المستوى النقدي .. وأن لا يكون هناك من هو فوق النقد وفوق المحاسبة .. هذا اذا أردنا التقدم ..!!
فالنقد هو أحد اهم ركائز التقدم الحضاري .. لأنه يركز على مواطن القوة لتقويتها وتعزيزها ..
ومعرفة مواطن الضعف لعلاجها ..