0

النظام كعقيدة ..

Posted by التكلتي on 2010/11/28 in عام |

النظام مترسخ في أصول العقيدة الدينية وشعائرها .. ولو تأملنا أي عبادة من العبادات لوجدناها تحتوي على نظام دقيق لا تصح العبادة إلا به ..
فمن الاصطفاف بالصلاة صفا مستقيما بإتجاه واحد .. وما يبديه المصلون (من تلقاء أنفسهم) بهذا الأمر وتصحيح بعضهم البعض إذا ما رأوا إعوجاجا ولو بسيط بالصف .. يجعلنا نتباهى بهذا النظام أمام العالم .. وليس أدل على ذلك من إسلام أحد الغربيين عند رؤيته للألولف المؤلفة التي تتجاوز المليونين من البشر – رجالا ونساء – صغارا وكبار – متعلمين وغير متعلمين .. وهي في حالة عشوائية غير واضحة المعالم ما بين طائف حول البيت .. وخارج من الحرم وداخل إليه .. ولا يكاد يجد لهم ترتيبا (لإختلاف مناسكهم في تلك اللحظة ) .. وفي لحظة واحدة .. وبتكبيرة واحدة .. يرى مالم يره في حياته .. رأى النظام في أجل وأقوى صوره الظاهرة .. اصطف العالم من حول البيت .. وفي حلقات تكبر وتكبر .. ويكبر معها إعجابه وإنبهاره بهذا النظام .. دقة في الصف .. دقة بالحركة وتطابق بالحركات .. فلم يبقى أمامه إلا ان يقول الله أكبر .. ويعلن إسلامه .. ويعلن إنضمامه للعالم المنظم (عقائديا) ..
أي نظام يحاول ان يظاهي هذا النظام ..
أي نظام يظاهي دقة المسلم في تحري وقت إفطاره .. ووقت سحوره .. حتى يمنع نفسه من لقمة أو شربة هو أحوج ما يكون لها .. حتى لو كان مضطرا أو متأخرا .. نظام يجبرك من داخلك على الإلتزام .. ومحاولة التحكم بأكلك وشربك .. وحتى نفسيتك .. وكبت غضبك ومحاولة توجيهه وتذكيره بالصوم ..

نظام مالي دقيق .. يجعلنا نحسب أموالنا بدقة .. ونقسمها ونتحرى الدقة فيها .. كما وكيفا .. وبعدذلك ندقق بالوقت وما حال عليه الحول ومالم يحل عليه .. ومن يستحق ومن لا يستحق .. وندقق في كل ذلك بدقة ونظام (داخلي عَقَدي) ..

نظام مكاني .. يجعلك تنطلق من كل أنحاء الدنيا إلى بقعة مخصصة .. بوقت مخصص .. بفعل مخصص .. يجعلك تنام بوقت وبمكان محدد .. وتنطلق بوقت محدود بين وقتين .. الى مكان محدد بين مكانين .. كل تلك الأعمال والمناسك التي تجعلك رجل منظم بكل أطراف الحياة .. مكانا وزمانا .. مع نفسك ومع الآخرين ..

كل هذا النظام وما يحسسك به من فخر ومن عزة .. يكاد يتلاشى .. ويكاد ينقلب إلى حسرات .. كل ذلك يتبخر عند ملامسته لحرارة الواقع .. وخروجك من سكينة العبادة ..
ترى التزاحم على الوضوء والعشوائية والفوضوية وعدم النظام في حين هم يتجهزوا ويتهئيوا للدخول في أعظم نظام (وهو الصلاة) .. إلى درجة الخجل من تلك التصرفات ..
على بعد أقل من عشر أمتار من الحرم المكي .. ومن ساحة الحرم التي تعج بأمواج متراطمة من البشر .. وإستعدادا للدخول في صلاة الفجر .. ترى اناس أكوام وأكوام كل يحمل قارورة ماء صحة (أبو ريال) يتوضاء بها بالشارع .. ثم يرميها من مكانه ..
والله لا أحد يستطيع ان يشعر بمقدار الألم الذي شعرت به حينما ترى منظر القوارير البلاستيكية وهي مترامية بالآلاف بالشارع .. والماء متناثر هنا وهناك .. وكل يتوضاء على طرف الرصيف ..
كل هذا الألم تجسد بصورة أقوى وأشدا ألما عندما رأيت ذلك الرجل الكهل .. وهو يتهاوى ويسقط على الأرض .. نتيجة إختفاء النظام (الذي الكل متجهز ان يدخل فيه بعد دقائق) .. نتيجة انزلاقه على قطعة من الكرتون المرمية على الأرض والتي تشربت بالماء .. ومن حولها القوارير البلاستيكية ..
أين النظام المفترض أن يكون قد تأصل فينا .. أين النظام الذي نعيشة إذا رغبنا وكأننا مجبورين عليه .. وبلحظات سريعة لا تجده له بقية باقية ..
أين النظام عند دورات المياة التي تحولت إلى مراوش … مع وجود لافتات تمنع ذلك .. فأين النظام ..
أين النظام عند الأرصفة ووقوف السيارات طولا وعرضا وشتلا .. وتعطيل البقية عن اللحاق بالصلاة …
أين النظام عند تكون الإشارة حمراء دلالة على إمتلاء الحرم وعدم استيعابه للمزيد .. فتجد من يزاحم ويقفز من فوق الفواصل البلاستيكية .. إمعانا في إيذاء البقية داخل المسجد الحرام ..
أين النظام عندما تجد عدة اشخاص افترشوا الأرض وتحلقوا للأكل في الساحة في وسط عالم متحرك ذهابا وإيابا ..
كل لفتة يمنة أو يسرة تجد النظام يداس تحت الأقدام ..

السؤال الأهم .. لماذا لا يكون النظام في حياتنا عقيدة .. كما أن العقيدة نظام ..؟؟
لماذا لا يتم تربية المجتمع على النظام وأنه عقيدة .. وأنه من أساسيات المسلم .. ؟؟
لماذا لا يتم ضبط وإجبار المجتمع ككل (كبيرا وصغيرا) على النظام .. كما أن العقيدة ملزمة للكل( كبير وصغير) فكما ان الصلاة والحج لا يعرف الطبقات .. فالنظام يجب ان لا يعرف الطبقات ..؟؟
يجب ان يربى الأطفال على النظام وأنه من أساسياتنا كمسلمين .. كما يربى على العقائد الأخرى .. حتى تتكامل الحياة عقيدة ونظام ..

تحياتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © 2010-2024 التكتلي All rights reserved.
This site is using the Desk Mess Mirrored theme, v2.5, from BuyNowShop.com.